ككل الازواج
الخبثاء قرر ان يقوم بكذبة بيضاء على زوجته واولاده وقرر ان يختلى بنفسه يوم قبل
بدأ الدراسة يذهب فيه الى أى مكان بعيد متحججا بانه هناك عمل مهم لابد ان يقوم
بالسفر اليه فى احدى المحافظات الساحلية وأعلن ذلك صراحة فى المنزل أثناء تناول
الغذاء واعلن نيته عن السفر غدا مبكرا ان شاء الله كى ينجز هذا العمل ووعدهم بشراء
بعض الهدايا والذى منه حتى يمتص غضب زوجته الحبيبة التى تشك فيه ليل نهار حتى وهو
بجوارها كمعظم النساء . قامت زوجته ليلا
بتجهيز مستلزمات السفر من غيار وشبشب وغيره خاصة انه قال لها انه سيعود متأخرا وأن
لم يتمكن من العودة فى نفس اليوم سيعود ثانى يوم مبكرا وهنا ازداد الشك أكثر من
جانب الزوجة التى راحت تسأله عن طبيعة هذا العمل ومن سيكون معه وما الداعى للقيام
به باكر خاصة ان باكر هو الجمعة وقليلا ما يذهب الزوج الى تخليص اعماله يوم الجمعة
وهكذا قامت المسكينة بمحاصرة الزوج المخادع والملاوع والذى كان يرد عليها بكل حنكة
وحكمة مقنعا اياها بضرورة تأدية هذا العمل باكر لأنه سيعود عليه بالربح الوفير
الذى سيمكنه من اسعادها هى والاولاد ببعض الهدايا القيمة ولطمع الزوجة حاولت
التخلص من الشكوك التى دارت بعقلها وحاكت بصدرها وتمكن الزوج من اقناعها بهذا
الامر وكأنه تغلب من قبل على جهاز كشف
الكذب وبات الزوجان ليلتهما بلا مشاكل وصحا الزوج مبكرا وقامت الزوجة بأعداد
الفطور له وجلست بجواره تذكره بأيام الحب الأول وكيف أنهما أجتمعا على الحب من أول
نظرة وكيف فاز هو بها بعدما كاد أن يفوز بها أحمد أبن الجيران الذى كان عنده كل شئ
ولكنها رفضته من أجل سواد عيونه وكيف وقفت فى وجه امها عندما حاولت ان تؤذى مشاعره
عندما قدم لها شبكة متواضعة لا تليق بالعائلة الكريمة وذكرته بالايام الاولى
لزواجهما وكيف كانت تدبر من مصروف البيت الذى كان يعطيه لها رغم قلة راتبه الذى لم
يكن يكفى لنصف الشهر لولا حسن ادارتها وتدبيرها ومحافظتها على ماله كى تسير الحياة
بهما لبر الأمان وأخذت تعدد له ما كانت تفعله من اجل الحفاظ على حياتهما الزوجية وبدأ عليه الملل من هذا الحديث الذى سمعه كثيرا
من زوجته التى طالما ذكرته بهذه الايام بمناسبة وبدون مناسبة فقام بتناول افطاره
سريعا وسكب كوب الشاى فى فمه وأسرع الى شنطته الصغيرة وحملها والتفت الى زوجته
مودعا وطبع قبلة على وجهها مبتسما ابتسامة صفراء وقالت له كتب الله لك السلامة ورد
عليها السلام واسرع الى درجات السلم حتى انه فى لحظات كان أمام سيارته الفخمة فتح
باب السيارة وجلس على كرسيه وأدار المحرك ورفع رأسه لأعلى ليرى زوجته وقد وقفت
بسور الشرفة تودعه وكأنها تودعه لاول مرة رغم انه كان دائم السفر فى اولى ايام
حياتهم فرفع اليها يده مودعا وارتسمت على
وجهه علامات الحزن المصطنع التى تبدلت الى سعادة بعدما غادر من امام المنزل وأدار
المذياع ليسمع أغنية صباح الخير ياللى معانا للسيدة ام كلثوم ويدندن معها ويقول فى
نفسه اليوم أنا حر ولا قيود على وقرر ان يذهب الى الأسكندرية حيث مصيف العائلة
القديم والذى يعشقه منذ الصغر وكان الطريق سهلا وسلسا حتى دخل مدخل المدينة وقرر
ان يشترى مايوه حتى يتمكن من النزول الى البحر ويستجم فالجو جميل والهواء منعش
ولابد من قضاء يوم جميل وعندما ذهب الى محل بيع المايوهات ودخل المحل وابتاع له
الرجل مايوه أعجبه وقبل مغادرة المحل وقف متأملا فقد تسمرت قدماه أمامها ما هذا
الجمال ما أروعها وأخذ يحدث نفسه انها ليست مصرية أكيد ليست مصرية ووقف متحدثا
للبائع فى همس فقال له البائع لا مانع من أن تأخذها معك وتضاحكا معا وأخرج صاحبنا
مبلغ من جيبه وأعطاه للبائع الذى قال له هذا قليل فقال له الزوج المخادع سأكون
زبونا دائما عندك فقال له البائع ونحن فى الخدمة وأخذها متأبطا اياها وخرج من
المحل وسار على قدمه تجاه السيارة ولكنه لاحظ ان كل من يقابله ينظر اليها وهو
متأبطها تحت ذراعه فخاف عليها وبسرعة أدخلها لسيارته وركب بجوارها وأخذ يدندن
الليلة عيد ع الدنيا سعيد وذهب فى طريقه مسرعا الى الشاليه ونظر الى البحر من خلف
الزجاج وهى بجواره على السرير لا تنطق فنظر اليها مبتسما وقرر ان يصطحبها معه الى
البحر فورا وخلع ملابسه ولكنه تذكر انه لا يستطيع السباحة جيدا ولكنه عرف انها
سباحة ماهرة فقرر ان ينزل الماء وهى معه فأحتضنها وقبلها ونزلا البحر وذهب بها
بعيدا عن الشاطئ وعن عيون الناس داخل
البحر وهو محتضنها وهى تسبح به الى ما يريد حتى وجد ان ليس له طول فقال لها انا
أعتمد عليك لانك سباحة ماهرة وفجأة وكعادتهن تركته وذهبت بعيدا عنه لأنه كاد أن
يخنقها من شدة عناقه لها فغاص الى أسفل وأخذ طريقه الى القاع ودار شريط حياته امام
عينيه وكيف انه ترك زوجته واولاده وكذب عليهم كيف سيكون الحال بعد ان يخرجوه جثة وتأتى
زوجته ويأتى أولاده ويروه مستلقيا على قفاه فى ثلاجة المستشفى ويعرفون حقيقة ما
حدث له وكيف سيقابل ربه فى هذا الوضع أرتفع صاحبنا مرة أخرى فوق الماء بعدما شرب
منه وملأ بطنه وأخذ نفسا عميقا من الهواء ورأها تسبح بجواره فمد يده كى يمسك بها
ولكنها ابت وابتعدت مرة أخرى عنه فأخذ ينادى مستنجدا حتى قفز شابان فى العشرين من
عمرهما وتوجها اليه حتى تمكنا من انقاذه وأخراجه على شاطئ البحر وقاما بأفاقته
وعندما فاق مما كان فيه نظر فوجدها تحت قدمه بعد أن جرفها التيار الى الشاطئ فقال
له أحد الشباب هل هذه عوامتك قال نعم ولكنى لا أحتاج اليها ابدا لأننى قررت أن
أتعلم السباحة حتى لا يحدث ما حدث لى مرة أخرى .
تأليف : مصطفى عبد العاطى