كما
هو الحال دائما عندما يستبد بى القلق والاحساس بالأكتئاب اقوم بحزم أمتعتى
وأستقل أول قطار أفكارى الى ابعد مكان فى خيالى وأعيش هناك وقت لا اشعر به
ولا أقدره بالساعات او بالايام اوحتى بالشهور لا اعلم كم قضيت بين جنبات
خيالى الواسع الذى يسع كل الصراعات التى بداخلى ولا يتسع لها قلب ولا عقل
أحد أبدا وها أنا بدأت فى الوصول الى محطتى فوجدتنى واقفا أمام قبر أبى
أحدثه ويحدثنى أراه راقدا ويرانى واقفا ألقيت عليه السلام فرد على السلام
وكان كعادته مبتسما فسألنى عن حالى وحال الدنيا الآن فوجدنى وقد اعترانى
الحزن الذى خيم على وجهى فأشاح بيديه عن ما يغطي وجهه من الكفن البالى وقال
لى يا بنى لا تحزن ان دنياكم فانية ولن تنال منها الا ما قسمه الله أما
الاخرة باقية . قل لى ما يحزنك فأتكأت بيدى على قبره وقلت له ياأبى لم تعد
الدنيا كما كانت فى عهدك لقد انهارت القيم وتغلبت المصالح وانتعش الفساد
والغش يا ابى زاد الفقر انتشر الجوع والجهل مات الضمير ازدحمت الحياة
بالنفاق والمنافقين المحكوم ينافق الحاكم الذى يحب هذا النفاق والمدير
ينافق الوزير والعامل ينافق رئيسه يا ابي كل ينافق كل ياأبي لم يعد هناك
مكان للضمير والشرف كل شيئ ملوث أفكار ملوثة ومبادئ ملوثة يا أبي لقد اسود
الثوب لا تعليم لا صحة لاصيانة لحقوق البشر هناك من يأكلون من صناديق
القمامة هل رأيت هذا من قبل هناك من يموتون بأبسط الامراض لأنهم ذهبوا الى
ما يسمى مستشفى حكومى هناك شباب ماتوا في البحر والمحيطات لأنهم كانوا
يريدون توفير لقمة العيش لهم ولأهليهم هناك من ماتوا من وطأة الظلم فلم
يحتملوه فكان أشد عليهم من اسلحة الأعداء هناك من مات تحت عجلات السيارات
التى يقودها ابناء الصفوة وكل ذنبهم انهم يقفون بالأشارت والشوارع ليبيعوا
المناديل ليسدوا بالكاد رمق عيالهم هناك من سقط من فوق سقالة ليقضى نحبه
وهو غير مؤمن عليه لا من قبل الحكومة الرشيدة ولا من قبل صاحب العمل الذى
يذهب لزوجته ليلقى لها بقرشين لا يغنوها عن السؤال هناك يا أبي قطار يدوس
فلزات أكبادنا صباحا مع شروق الشمس لأنهم ذاهبون لمدرستهم هم أكثر يا أبى
من تلاميذ مدرسة بحر البقر التى ضربها العدو الأسرائيلى ولم يسأل أحدا يا
أبى هناك يا أبى شباب لنا يحرسون حدودنا أغتالتهم يد الأثم والخسة ولم نعرف
من أغتالهم ماتوا بدم بارد ولم يتحرك أحد رغم علم المسئولىن عمن اغتال
خيرة شبابنا لكنها السياسة يا أبى لعن الله السياسة والساسة وكل من تسول له
نفسه ان يلعب بحياة البشر .مات يا ابي من مات فى ثورة قام بها الشعب قام
بها الشباب الطاهر ولم يزل الوضع كما هو بل اصبح أسوأ فازداد الفقر والحاجة
أتى الناس بالحاكم العادل بعد ثورة الشباب كما ظنوا ولكن لم يتغير شئ صراع
على السلطة من كل اتجاه تسلط من السلطة تسلط من المعارضة قذارة وحقارة من
المنتفعين والمتحورين والمنافقين وطالبى الشفاعة من الحاكم لا يعرفون انه
ليس اله او معصوم .
ما رأيك يا
أبى فيما قلته لك أليس هذا مدعاة لحزنى اليس هذا مدعاة للهم . أرى وطنى وقد
نخر السوس فى عظامه هل رأيت هذا من قبل يا أبى
لقد سألتنى يا ابى عما
يحزننى وهذا أقل القليل مما يحزننى ويحزن بنى وطنى ادعوا لنا يا ابى وانت
فى ملكوت السماء ان يلهمنا الصبر الى ان نلقاك هناك عند مالك الملك لتوفى
كل نفس ما عملت حيث لا ظلم ولا قهر حيث عدل رب السماوات والأرض .
ابى ... ابى .........الا تسمعنى ...
بكى القلم وتوقف ...