النائب تعرض لمحاولة اغتيال اليوم
محمود سعد الدين _ تصوير- هشام سيد
لن أنسى مشاهد محاولة اغتيالى، ونجاتى رسالة من عند الله ووقت الحادث توقعت الموت فدعوت بصوت عال "اللهم اكرمنى حسن الخاتمة"
أكثر ما أرهبنى هو أن المسلحين لم يكتفوا
بمحاولة اغتيالى ولكن أيضا كلفوا 3 أشخاص بالوقوف على الطريق بالرشاشات
لمنع أى شخص التدخل لإنقاذى
المجرمون الذين اعتدوا على ملثمين ويرتدون بنطلونات وقمصان ويستقلون سيارة جيب شيروكى
لم يكن أنور البلكيمى عضو مجلس الشعب عن حزب النور السلفى يتوقع أن حياته
ستستمر دقيقة واحدة بعد حادث السطو المسلح الذى تعرض له بالطريق الصحراوى
على يد 5 من المجرمين الملثمين المسلحين بأسلحة رشاشة فى الساعات الأولى من
صباح اليوم الأربعاء، ولم يكن أيضا لديه أى أمنية فى الحياة وقت وقوع
الاعتداء عليه سوى أن يكرمه الله بحسن الخاتمة وأن يطلق الشهادتين قبل آخر
نفس يخرجه من جسده، وهو ما دفعه إلى الدعاء بصوت عال أثناء الاعتداء عليه
"اللهم اكرمنى حسن الخاتمة يارب ..اكرمنا حسن الخاتمة يارب".
"اليوم السابع" التقى البلكيمى بعد دقائق من الحادث وقضى معه 7 ساعات
متواصلة بين قسم شرطة الشيخ زايد ومستشفى الشيخ زايد التخصصى، وهو المستشفى
الذى خضع فيه لعمليات جراحية ولا يزال يرقد بالغرفة 606 بالطابق السادس
بعد قرار الفريق الطبى المعالج بوضعه تحت الملاحظة لمدة 24 ساعة.
يقول البلكيمى لـ "اليوم السابع": كنت أستقل سيارتى متجها من القاهرة إلى
الإسكندرية على الطريق الصحراوى وفجأة بالقرب من مدينة السليمانية لاحظت
سيارة جيب شروكى تتبعنى وتحاول أن تلحق بى، ولم يكن لدى أى شك فى البداية
أن تلك السيارة تريد مضايقتى ولكن كان كل تفكيرى أن شابا يقودها ويسير
بسرعة فى محاولة لاجتيازى، غير أننى فوجئت بأن السيارة تقترب وتحاول أن
"تكسر على الطريق، وهو ما دفعنى إلى زيادة سرعة سيارتى وفى المقابل ازدادت
سرعة السيارة الجيب شروكى التى تتبعنى وبدأت بشكل كبير فى الاحتكاك بجانب
سيارتى، حتى كدت أصطدم وتقع حادثة، فخفضت سرعة عربتى ووقفت وفجأة نزل 5
ملثمين من السيارة يرتدى كل منهم بنطلون وقميص ويحملون أسلحة رشاشة.
وأضاف البلكيمى، أن المسلحين طلبوا منه النزول من السيارة وإخراج كل
الأموال التى بحوزته، فرد عليهم بأنه ليس معه أموال وأنه عضو مجلس الشعب
وأظهرت لهم كارنية العضوية، غير أن المسلحين لم يفرق معهم من الأساس كارنية
العضوية وفجأة بدأوا فى ضربى، فرددت على أحدهم الضرب فتجمع حولى اثنين
وقاموا بعنف شديد فى منطقة الوجه حتى أن أحدهم ضربنى بخلفية الرشاش فى وجهى
وهو ما أدى إلى إصابتى بكسر فى الأنف.
وأوضح البلكيمى، أن المسلحين لم يتركوا السيارة إلا بعد أن وجدوا الـ 100
ألف جنيه التى كنت أنتوى شراء سيارة جديدة بها، وبعدها تركونى ملقى على
الأرض ويسيل الدم من وجهى وهو يدعى بحسن الخاتمة بصوت عال.
وقال البلكيمى، إن أغرب ما فى الواقعة أن عددا كبيرا من شهود العيان من
أصحاب السيارات المارين شاهدوا الواقعة ولم يتدخلوا وذلك لأن 3 من المسلحين
وقفوا على الطرق ووجهوا الأسلحة نحو السيارات المارة بضرورة المرور وعدم
التدخل أو الالتفات وهو ما جعل السيارات تسير بسرعة شديدة بحسب قوله.
واستكمل البلكيمى، تفاصيل الاعتداء عليه قائلا:"بعد أن تركونى، وقف أهل
الخير وكان من بينهم طبيب تولى إسعافى وإيقاف نزيف الدم بأنفى، وأوصلونى
لبداية طريق المحور، وبعدها اتصلت بأحد القيادات الأمنية لأستشيره فى
مصيبتى، فطلب منى التوجه إلى قسم شرطة الشيخ زايد لتحرير محضر بالواقعة
وإثبات حالة، وبالفعل ساعدنى أحد المواطنين فى الوصول للقسم وحررت المحضر،
مشيرا إلى أن نجاته من حادث لن ينسى مشاهده أبدا هو رسالة من عند ربنا".
إلى هنا ينتهى الجزء الأول من أغرب يوم فى حياة البلكيمى بعد فوزه بمقعد
أحمد عز فى محافظة المنوفية ليبدأ الجزء الثانى مع طلب القسم منه إحضار
تقرير طبى بحالته، وهو ما يعنى انتقاله إلى المستشفى وتحرير كشف طبى، ولكن
الإشكالية هنا هى كيف سينتقل إلى المستشفى بحالته الصحية السيئة ومع
احتمالية تعرضه لنزيف مرة ثانية.
"اليوم السابع" عرض على البلكيمى ترك سيارته فى قسم الشرطة والانتقال
بصحبتها إلى المستشفى وهو ما وافق عليه، وفى الطريق إلى المستشفى قال
البلكيمى لـ"اليوم السابع": "مش قادر أنسى أبدا مشاهد الاعتداء على.. مش
قادر أنسى الرشاشات الموجهة ضدى والرشاشات الأخرى الموجه للطريق لمنع أى
شخص الاقتراب منى أو التدخل لمساعدتى.. بجد عملية إرهاب".
وصلنا لمستشفى الشيخ زايد وهناك طلب الأطباء من البلكيمى إزالة "الرباط
الطبى" من على وجهه لإجراء الكشف الطبى والأشعة للاطمئنان على صحته، غير
أنه رفض بدعوى أن المسعفين الذى أسعفوه أخبروه بعدم إزالة ذلك الرباط إلا
بعد 24 ساعة لعدم تكرار النزيف فضلا عن ما يسببه إزالة الرباط وإعادة وضعه
من ألم شديد، وبعد محاولات عديدة استمرت نصف ساعة وافق البلكيمى، وهنا
انتقل الفريق الطبى إلى غرفة الأشعة وهنا كانت المفاجأة الأولى وهى إصابته
بشرخ فى الأنف.
نصف ساعة مرت ولا يزال البلكيمى فى غرفة الأشعة التى لا تحتاج أكثر من 10
دقائق لإنهاء أى أعمال بها، والأغرب أن ذلك تزامن مع دعوة الإذاعة الداخلية
للمستشفى بضرورة حضور أحد أطباء المخ والأعصاب، حضر الطبيب بالفعل واطلع
على الأشعة لتظهر المفاجأة الثانية وهى شبه ما بعد ارتجاج.
تشاور الفريق الطبى لدقائق معدودة واتخذوا قرارا بعد ذلك بحجز البلكيمى 24
ساعة ووضعه تحت الملاحظة المستمرة مع تعديل وضع نومه على السرير حرصا على
عدم تعرضه للنزيف، ولكن قبل تفعيل توصيات الطبيب بنقل البلكيمى إلى الغرفة
606 بالطابق السادس تحت الملاحظة المستمرة، أجرى الفريق الطبى عملية جراحية
تجميلية بالوجه تألم منها البلكيمى كثيرا، فكان يصرخ بأعلى صوته من كثرة
الألم لدرجة أن صوته داخل غرفة العمليات خرج إلى طرقات المستشفى.
قبل صعود البلكيمى إلى غرفته الخاصة كان لزاما إنهاء عدد من الأوراق لإثبات
دخوله المستشفى وإجرائه عمليه جراحية ، وهو ما تولاه "اليوم السابع" نيابة
عنه.
على هامش كواليس الاعتداء
نادر بكار المتحدث الرسمى لحزب النور على خط التليفون.. واصل بكار اتصالاته
الهاتفية بالبلكيمى طيلة الليلة للاطمئنان عليه وكذلك بالأطباء المعالجين
للوقوف على حالته الصحية، وبعد الساعة الثالثة والنصف عندما اكتشف عدم
وجود أعضاء من النور مع البلكيمى اتصل بأمانات القاهرة والجيزة وأكتوبر
للتوجه إلى البلكيمى والوقوف إلى جانبه.
أحمد خليل المتحدث باسم الهيئة البرلمانية للنور اتصل بعدد كبير من النواب
وأخبرهم بحادث الاعتداء، وهو ما دفع الأعضاء بالاتصال بالبلكيمى للاطمئنان
عليه، فضلا عن أن خليل قطع إجازته وعاد من الإسكندرية.
تليفون البلكيمى ما بيبطلش رن ..تليفون البليكيمى لم يهدأ من الرنات فعشرات
الاتصالات توالت للاطمئنان عليه.. وكنت أنا فى أغلب الأحيان أرد وكان
القاسم المشترك فى المكالمات "أحلفك بالله يا أخ الشيخ أخباره إيه".
الساعة 5 صباحا.. رن تليفون البلكيمى فى غرفة العمليات وأثناء إجراء
الجراحة.. فأخرج الطبيب الهاتف إلى وطلب منى الرد بناء على رغبة البلكيمى..
ورددت بالفعل وكان المتصل هو أحد أبناء دائرة البلكيمى المعتصمين فى أحد
المشروعات وكان يقول فى بداية كلامه "يا شيخ أنت دايما بتقف معانا يرضيك
اللى بيحصل لنا ده.. فرددت عليه بأن الشيخ تعرض لحادث وتفاصيله كذا.. فرد
على وقال " أنا آسف أنى اتصلت فى وقت غلط ودعواتى للشيخ وكلنا فى الاعتصام
هندعيله".
البلكيمى كانت لديه رغبة قوية فى العودة لمنزله بالسادات فى نفس ليلة
الاعتداء عليه رغم أن من يراه لابد أن يبكى متأثرا ..وعندما سألته عن
إصراره رد قائلا "أهلى شداد شوية وومكن يقطعوا الطريق فبدل ما كنت أنا
بعانى من الاعتداء هيكون فيه مئات تانيين بيعتدوا عليهم وأنا ما أقبلش ده
أبدا"
بعد حجزه فى المستشفى اتصل بأحد أقاربه وأبلغه التشديد على أقاربه بعدم قطع أى طرق.
البلكيمى لم يبك أبدا أثناء إقامته فى المستشفى وكان دائما مبتسم ويردد "اللهم اجعل ما أصابنى دافعا لعودة الأمان".