، 12 فبراير 2012 - 14:40
صورة أرشيفية
كتبت إيمان على ومحمود عبد الغنى وهانى الحوتى
"منطقة مكتظة بالمصالح الحكومية، أصبحت بين ليلة وضحاها منطقة
عسكرية ممنوع الاقتراب منها أو التصوير، وسبعة كتل خرسانية تعزلها عن
الاتجاهات المؤدية إليها والميادين الأخرى".
هذا هو الحال بشارع القصر العينى الذى أغلقت جميع مداخله من اتجاه ميدان
التحرير بعد تكرار الاشتباكات العنيفة بين قوات الأمن المركزى والمتظاهرين
والتى أسفرت عن مئات الشهداء وآلاف المصابين بدءاً من اشتباكات شارع محمد
محمود، وصولا لاشتباكات شارع مجلس الوزراء انتهاء باشتباكات الفلكى بعد
أحداث بورسعيد.
الأمر لا ينتهى بعزل هذه المنطقة الحيوية والمكتظة بالمصالح الحكومية عن
جميع مداخلها بالكتل الخرسانية والأسلاك الشائكة، حيث يترتب على عزلها
العديد من المشكلات التى يعانى منها أهالى المنطقة وموظفى المصالح
الحكومية، فالوصول لشارع القصر العينى أصبح يحتاج إلى العديد من المراحل
الصعبة ليتمكن المواطن من دخول القصر العينى سواء لأداء مهام عمله، أو
لقضاء مصلحة له بالمصالح الحكومية الكائنة بالشارع أو للتوجه إلى بيته.
المأساة بدأت بأول جدار خرسانى وضعه الجيش فى شارع محمد محمود لوقف
الاشتباكات الدامية فى أعقاب نهاية شهر نوفمبر، ثم ظهرت بشكل واضح عندما
وضع الجيش ثلاث كتل خرسانية آخرى بعد اشتباكات مجلس الوزراء، ثم تضاعفت
الأزمة بوضع الكتل الخرسانية بالشوارع المتفرعة من شارع محمد محمود ليصبح
مجموع الكتل الخرسانية سبعة كتل وهم جدار بشارع القصر العينى وآخر بشارع
الشيخ ريحان، وخمسة آخرين بالشوارع المتفرعة من محمد محمود، وهم شارع يوسف
الجندى والفلكى ومنصور وعبد المجيد الرملى ونوبار، وذلك غير الجدار المنهار
بوسط شارع محمد محمود والذى مازال متواجدا حتى الآن، بالإضافة إلى الأسلاك
الشائكة والمتواجدة بالشوارع الأخرى والتكثيف الأمنى المشدد لقوات الأمن
المركزى، وقوات الجيش لمنع الوصول إلى وزارة الداخلية ومجلس الوزراء ومجلس
الشعب، وأيضا قيام الجيش بعمل لاحمات حديد خلف الجدار لتثبيت الكتل
الخرسانية ومنع انهيارها، كما حدث مع الجدار القائم بمحمد محمود عندما
استخدم المتظاهرون العتلة لهدمه فى الأحداث الأخيرة.
تأثر الأهالى وأصحاب المحال التجارية وموظفى المصالح الحكومية بعزل القصر
العينى، وكانت من بين المشكلات التى تواجههم تأثر أصحاب المحال بالشارع
والشوارع المتفرعة من محمد محمود بانخفاض توافد المشترين عليهم، إضافة إلى
نهب بعض المحال التجارية واحتراقها فى الاشتباكات الأخيرة كان أبرزها مركز
كمبيوتر يدعى "سيتى مول" تم نهبه بالكامل وجميع الأجهزة الإلكترونية
الموجودة به، الأمر الذى جعل أهالى عابدين يتوعدون متظاهرى التحرير فى حال
تجدد الاشتباكات مرة أخرى.
إضافة إلى إصابة شارع القصر العينى بالشلل المرورى التام بشكل دائم بعد
الأحداث الأخيرة ولجوء المواطنين لكورنيش النيل للخروج من الشارع والتمكن
من قضاء احتياجاتهم اليومية، بينما تعتبر أكبر مشكلة يواجهها أهالى وموظفى
القصر العينى هى الدخول للشارع، حيث القادم من اتجاه ميدان التحرير يحتاج
إلى نصف ساعة سيرا على الأقدام للتمكن من الوصول للقصر العينى ليمر على
الكتل الخرسانية، ثم الأسلاك الشائكة المتواجدة بمحيط وزراة الداخلية وكلاب
الحراسة إذ كان قادما من اتجاه شارع محمد محمود، ثم مروره على عشرات
السيارات لقوات الأمن المركزى وما يقرب من 15 مدرعة جيش قائمين بمحيط وزارة
الداخلية، لتصبح بذلك مغلقة بالكتل الخرسانية من جميع اتجاهاتها عدا
امتداد شارع الشيخ ريحان وامتداد شارع منصور القريب من مجلس الشعب
والمحاصرين بالأسلاك الشائكة وكلاب الحراسة، أما القادم من اتجاه ميدان
سيمون بوليفار، فالوضع أفضل بكثير عن سالفه حيث الأسلاك الشائكة وانحفاض
التواجد الأمنى بالمنطقة فى الأيام العادية عدا أوقات انعقاد جلسة مجلس
الشعب، حيث تكتظ المنطقة بقوات الأمن المركزى.
وفى حال احتياج المواطن للوصول إلى مقر مصلحة حكومية بشكل أسرع فمحطة مترو
"سعد زغلول"، هى الوسيلة الوحيدة ليكون المواطن وسط جميع المصالح الحكومية
بشارع القصر العينى بشكل أسرع من السير على الأقدام لتمثل بذلك أزمة
حقيقية يعيشها أهالى وموظفى القصر العينى منذ شهر نوفمبر الماضى.
وأكد موظفو المصالح الحكومية لـــ"اليوم السابع" أنهم لا يعانون من
التكثيف الأمنى، بل تواجههم مشكلة الوصول لمصالحهم الحكومية إضافة إلى
الغضب المشحون من المواطنين المترددين على المصالح والذى يصب فى تعاملهم مع
الموظفين.
وقال "إبراهيم أحمد" من سوهاج والذى جاء للتوجه إلى المعامل المركزية
بوزارة الصحة، إنه كان يأتى مسبقا من الطريق العادى وتفاجأ بالكتل
الخرسانية المتواجدة الآن، الأمر الذى جعله يحتاج إلى مساعدة الآخرين
لإرشاده، مما جعله يصل إلى المعامل فى نصف ساعة سيرا على الأقدام.
كل ذلك إلى جانب الخوف والهلع الذى أصبح يعيش فيه أهالى المنطقة يوميا بعد
تكرار الاشتباكات بين قوات الأمن المركزى والمتظاهرين، فلجأ البعض لترك
منازلهم والعيش فى منطقة أخرى بعيدة عن ميدان التحرير الذى أصبح بمثابة
منطقة حرب تتجدد فيها الاشتباكات العنيفة من فترة لأخرى وتودى بمئات القتلى
وآلاف المصابين.
وينتظر أهالى المنطقة اليوم الذى تزال فيه هذه الكتل الخرسانية وتعود
الحياة لطبيعتها، وليصبح بذلك السؤال الذى يشغل بال أهالى القصر العينى
"متى تزال الكتل الخرسانية وتعود الحياة لطبيعتها؟".